الجهاد ليس الموت في سبيل الله بل الحياة في سبيله
البنا
يرفض الكاتب المصري جمال البنا أن يكون الجهاد بابًا لنشر العقيدة الاسلامية ويرى في ذلك مساساً بحرية الاخرين في الاعتقاد. ويشدد على أن الجهاد الاسلامي المطلوب في هذه المرحلة لا يعني الغزو بل مناهضة التخلف والسعي للارتقاء بأساليب الحياة في العالم الاسلامي وهذا يعني تغيير مفهوم الجهاد الى انتزاع حق الحياة بكرامة وليس الموت في المعارك. ويقول في كتابه (الجهاد) ان "الجهاد اليوم ليس أن نموت في سبيل الله ولكن أن نحيا في سبيل الله" مستشهدا على ذلك بأن الجهاد في عهد النبي محمد وخلفائه في صدر الاسلام كان موجهاً ضد "الكسروية والقيصرية والنظم الطبقية التي استعبدت الجماهير. وكان الجهاد في القرن الماضي لاستعادة الحرية السياسية والقضاء على الاستعمار البغيض." ويضيف أن شعار الجهاد قديما كان "من يبايعني على الموت في سبيل الله" واليوم يصبح الشعار "من يبايعني للحياة في سبيل الله" مشددا على أن الجهاد الان هو حشد إرادة الشعوب لتحريرها من التبعية الاقتصادية والسياسية والتخلف ومواجهة العولمة والاستغلال وصولا الى نهضة وتنمية تحفظ للشعوب كرامتها. ويقول البنا (89 عاما) ان الجهاد أسيء فهمه في الماضي والحاضر وان الجهاد الحق الذي أراده الاسلام هو أن تتحول التنمية "الى معركة حضارية" تنهض بالانتاج وتحقق العدالة "تحت لواء الجهاد المقدس".
والكتاب الذي صدر في القاهرة عن (دار الشروق) يقع في 134 صفحة كبيرة القطع. وللمؤلف نحو 130 كتابا أولها نشر عام 1945. وتعنى مؤلفاته بالقضايا العمالية والنقابية والفكر الاسلامي ومنها (في التاريخ النقابي المقارن) و(القانون والقضاء في المجتمع الاشتراكي) و(دور النقابات في المجتمع الاشتراكي) و(الاسلام والحركة النقابية) و (الحركة العمالية الدولية) و(روح الاسلام) و(العودة الى القران) و(ما بعد الاخوان المسلمين..) و(الاسلام وحرية الفكر) و(تفنيد دعوى حد الردة) و(الحجاب) و(تجديد الاسلام) و(تثوير القران).
ونتيجة تطورات كثيرة لم يشرحها البنا فان الجهاد أخذ شكلا يخالف "ما يصوره الاسلام" ولم يقنع بعض الدعاة "بجعل الجهاد فريضة ولكنهم جعلوه الفريضة" ودعوا الى أن يكون أداة لنشر الاسلام وانقاذ الدول الاوروبية مما اعتبروه جاهلية القرن العشرين "وأدى بهم هذا الاجتهاد السقيم لان يجاهدوا الدولة التي في نظرهم لا تحكم بما أنزل الله... وانزلقوا بهذا الجهاد المزعوم الى محاولة اغتيال المسؤولين بمن فيهم رئيس الدولة وقتل أقباط أو جنود وضباط وسرقة محال الصاغة" بدعوى الانتصار للاسلام. ويعزو المؤلف اساءة فهم مصطلح الجهاد الى خلط من يسميهم سدنة الشريعة بين الجهاد والقتال واعتبارهما أمرا واحدا و"هذا خطأ جسيم" لان الجهاد يمكن أن يوجد من دون قتال.
ويقول ان ارساء العدالة والقضاء على النظم الطبقية التي استعبدت الجماهير هي الاساس الذي تقبل أو ترفض في ضوئه الفتوح الاسلامية "وليس التبشير بالاسلام" اذ ينص القران على أنه لا اكراه في الدين. ويعلي من شأن "عقيدة الجهاد" قائلا إنها كانت دافعا لصمود الجماهير ورموز قادة التحرر في مواجهة جيوش الاستعمار ضاربا المثل بعمر المختار في ليبيا وعبد القادر الجزائري في الجزائر وعبد الكريم الخطابي في المغرب ومحمد أحمد المهدي في السودان. كما يشيد أيضا "بالروح الجهادية" التي يرى أنها منحت الفلسطينيين صبرا وقدرة على التحدي.
ويحذر البنا أن يجاوز الجهاد الغرض منه وهو الدفاع عن النفس أو درء فتنة الى أغراض أخرى مثل "نشر العقيدة ومحاولة أسلمة العالم... وهو تطور خطر يفتح بابا للمساس بحرية العقيدة لاطراف أخرى ويلقي بنا في الابعاد السحيقة لما يصل اليه التطرف."
كما يحذر أيضا أن يكون الجهاد ذريعة للهجوم على الاخرين أو الاستيلاء على أرضهم. ويتساءل.. كيف نقبل الحرب دفاعا عن أنفسنا وعقيدتنا ثم نقبل الحرب هجوما على الاخرين وعقيدتهم..
وفي خاتمة الكتاب يورد المؤلف قول الشاعر جميل بثينة:
يقولون جاهد يا جميل بغزوة وأي جهاد غيرهن أريد
ويعلق قائلا ان هذا النوع من الجهاد ربما يكون من حق الشاعر كما لا ينكر المؤلف "حق جماعة الجهاد أن ترى أن الجهاد على طريقة غزوات الرسول (محمد) هو الفريضة الغائبة" مضيفا أن من حق أي طرف أو جماعة أن تقول ما تشاء عن الجهاد "ولكن هذا لا يغير الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا... أن العالم الاسلامي بأسره اليوم في الدرك الادنى بموازين القوة... فاذا كان هناك حديث عن جهاد فأولى ثم أولى أن يكون جهادا في مواجهة هذا الواقع المزري.
عن وكالة (رويترز)
27 اب – اغسطس 2009
Selasa, November 24, 2009
Langganan:
Posting Komentar (Atom)
Tidak ada komentar:
Posting Komentar